إن حَمَلَةَ شعار الوحدة الوطنية على حساب القضايا العقائدية ، المقايضين مناصب وزارية ومكاسب زائلة على حساب الولاية والحجج على الكائنات !! هؤلاء ينطبق عليهم مثال الجسر الحربي الذي طالما تم طرحه كمثال لحال الطائفة مع السلطة ؛ حيث تستعمل السلطة الطائفة كجسر حربي في الازمات على مدى التاريخ ( وهذه حكمة أملاها أحد حكماء نواب الشيعة في الستينيات لثلة من الشباب …. ) قال : وكمثال على ذلك لا الحصر أحداث
( عام ١٩٣٨ )
حيث بعد اجتياز كل ازمة تقوم السلطة بنسف جسر تواصل مصالح المواطنة مع الطائفة لصالح الطرف المهيمن الاقوى ، والتعامل مع الشيعة كأنهم دخلاء وليسوا من بُناة اسوار الوطن ومؤسسيه وصمام أمانه ، فنسفت السلطة يومئذ كل ذلك وقامت بتسفير بعض الشيعة
( عام ١٩٤٠ )
وذلك تلبية لشرط من شروط اصحاب العريضة للمبايعة في تلك الحقبة .
ولسان حال الشيعة على مدى الزمان :
بلدي وإن جارت علي عزيزة
واهلي وإن شحوا علي كرام
فبعد هذه المقدمة ؛ هل قاعدة أن التاريخ يعيد نفسة ، سنة من سنن تاريخ الشعوب أم لا ؟؟
فلو يتوقف الامر عند حد نسف جسر تواصل مصالح المواطنة لكان هينا وانما من الآثار المترتبة على ذلك النسف ، ما يمس حتى الحقوق الانسانية الاولية ناهيك عن أي امتيازات او حتى المساواة بين المواطنين كبناء المساجد للشيعة مثلا ، فضلا عن السماح والترخيص ببنائها على حسابهم ،
فعلى رأس تلك الحقوق الانسانية الأولية ؛ السعي لمنع صدور قانون مستقل للاحوال الشخصية الجعفرية بناء على فقه مدرسة أهل البيت ع ، وكذلك تجاهل سن قانون مستقل ينظم دوائر محكمة الاحوال الشخصية بدرجاتها الثلاث . وعدم وضع ضوابط لتعيين وكلاء نيابة ليكونوا بعد ذلك قضاة ، والكف عن حشر قضاة غير شيعة في هذه المحاكم ، وذلك بالتعاقد مع قضاة شيعة من خارج البلاد كما هو الحال بالنسبة للمحاكم السنية ،
نعم إن المواقف المتخاذلة من نواب مهرجان العصفورتان وغيرهم هو بحجة عدم الخوض في قضايا طائفية ، لان ذلك ينافي شعار لحمتهم الوطنية ، حتى ولو كان على حساب العلائق الاسرية الشرعية وحفظ الانساب ، لاختلافات فقهية متجذرة .
ولم يتوقف الامر عند الحد المشار اليه ، بل أن هناك مؤشرات عقائدية في غاية الخطورة ، فعلى سبيل المثال ؛ طامة كبرى مرت على عقول الامين وتياره بكل سذاجة ، وهي عبارة الرئيس الجديد في كلمته بمناسبة تعينه ؛ والتي لم تمر على المؤمنين المخلصين الواعين ممن يسعون لحماية العقيدة ، حيث انتبهوا لمفردة "عقيدته" عندما قال : إنه يتعهد بالمحافظة على سلامة الوطن ودستوره و"عقيدته" ووحدته !! هذه المفردة لها ايحاء خطير ؟ فعن أي عقيدة يتحدث ويريد المحافظة عليها ؟! ومتى استخدمت هذه المفردة سياسيا من قبل رؤساء حكومات سابقة ؟!
فإن كانت هذه العبارة " عقيدته " بمثابة رسالة موجهة الى من يعنيهم الامر ليتكسب من ورائها على حساب الآخرين كالشيعة والعلمانيين مثلا ، فهذا امر بحد ذاته خطير ، وإنما الخطورة تتعاظم إن كان قائلها يؤمن بتلك العبارة ويتبناها ، وسيضع يده في يد ( تكتل بريدة ) لتطبيق مصاديقها على ارض الواقع . فهي والله الطامة الكبرى .
الخلاصة : في ظل كل المتغيرات المحلية والاقليمية ألا يجب ان يعاد النظر في المنهج المتخاذل المنحرف الذي سلكته التيارات السياسية الشيعية بصفة عامة ، وبصفة خاصة تيار مهرجان العصفورتان وأشباههم ، وعلى وجه الاخص والاهم بعض المحسوبين على علماء الدين حيث قبع بعضهم في عقر داره وكأن الذي يجري خارج حائطه لا يخصه ، وكأنه نسي أن للعلم زكاة ؛ فلا تدريس ولا محاضرة ولا مساهمة اجتماعية ، والبعض الآخر إنشغل بالظهور الاعلامي وتبني موجة التخاذل ، وآخر يسعى في الساحة الشيعية انحرافا وضلالا ، الا القليل ممن وفوا لرعاية الحق وحمل هموم الطائفة والدفاع ما وسعهم ذلك ولسان حالهم : إن اليد الواحدة لا تصفق .
الا نعتبر من تاريخنا الشيعي الكويتي المشرف المجيد ، حيث المواقف المبدئية الفذة ؛ مثال ذلك ما كان من السيد مهدي القزويني والميرزا علي الإحقاقي رحمهما الله ؟
( عام ١٩٢٠ )
وما أسسه الاجداد قبل ذلك وبعده ؟
فهل نرتقي بحِسِنا وبمسؤليتنا لنقرر باننا نعيش منعطفا تاريخيا خطيرا، وان الذي نراه ونسمعه ما هو الا بمثابة ارهاصات محصلتها المتوقعة في غاية الخطورة ، ولا ترقى الى تقييمها تقييما حكيما حالة التشرذم والتخبط التي تعيشها الطائفة الشيعية ،
وهل من معتبر يسعى كل بحسب موقعه وقدره وقدرته نظريا وفكريا وعقائديا وعمليا لننقذ ما يمكننا انقاذه وندرأ ما يمكننا درئه . ونبرئ ذمتنا امام الله سبحانه وتعالى وامام اجيالنا القادمة .
انتهى الجزء الثالث والاخير من مقال
هل الالف زائر يساوون عمامة سياسية
الثلاثاء ١٢ ربيع الآخر ١٤٣٣ هـ
الموافق ٦ مارس ٢٠١٢ م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق