الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

هل تعلم لماذا يصدون عن البذل في عزاء الحسين ؟

هل تعلم لماذا يصدون عن البذل في عزاء الحسين ؟



بقلم: عباس بن نخي


---------------



"الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ" [الحديد:24]

تعددت جبهات محاربة الشعائر الحسينية وتكثرت، كما تعدد الناهضون فيها والمتصدون لها..
ففسقة يفترون على المراجع بفتاوى مزورة وآراء مكذوبة تحرم الجزع والتطبير، وحزبيون سياسيون يريدون تحويل الشعائر إلى محاضرات وندوات ومؤتمرات... 
ومؤخراً ـ وليس أخيراً ـ ظهرت أصوات تدعو الناس للكف عن البذل في هذا الطريق، وفيهم علماء وملتزمون لا يُطعن في دينهم، ولكن هناك شك كبير في بصيرتهم، وإدانة لقصور فهمهم وسذاجة رؤيتهم، وعجزهم عن قراءة شمولية واعية ترعى جميع جوانب القضية وحيثياتها، مما يؤثر في انتزاعاتهم وبالتالي مواقفهم...

وقد لجأ هؤلاء في سبيل كف الناس وصدّهم عن البذل في الشعائر الحسينية، ونقلهم إلى وجوه أخرى للبر، إلى لطائف الحيل و"معقول" الذرائع، كحرمة الإسراف، وعقد المقارنات التي تخلص إلى مرجحات وتثبت أولويات.. فقارنوا بين الإطعام في مأتم سيد الشهداء وبين إعانة الفقراء والمساكين، وبين الصرف على أثاث الحسينيات ومتاعها وبين تقديمها للمحتاجين...

بإمكان أي كان أن ينقض دعوى هؤلاء بعشرات الشواهد من موارد الإسراف الحرام في سلوكهم، أو في سلوك الدائرة اللصيقة بهم أو التي يتبعونها، حيث الولائم الملكية التي يصرف عليها من سهم الإمام (لا التبرعات التطوعية التي تقدم للحسينيات)، دون أن يسمع من أحدهم اعتراض ناهيك بإنكار؟! وهي جرائم مستمرة وفرص إنكارها قائمة وقادمة، ونحن بانتظار شجاعتهم وظهور بأسهم وغيرتهم على الدين وحرصهم على المال العام والحقوق الشرعية!
هكذا وقع هؤلاء في فخ الحزبيين من أعداء الشعائر الحسينية والحداثيين من أعداء الدين، الذين يحسبون للأمر على طريقتهم، فقطع الموارد المالية وضرب الجبهة الاقتصادية يسقط أي مشروع، 
على طريقة "لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا" [المنافقون:7]، هكذا يحدون من انتشار الشعائر ويقللون السواد في الحسينيات، ويجذبونهم إلى أنديتهم وجمعياتهم وتجمعاتهم المنحرفة الضاله المضلّة

 أما حقيقة الأمر والسر الخفي فيه، فيمكنك أن تستله من مداليل قصة "درهم شطيطة" الذي قبله الإمام الكاظم عليه السلام، وردّ صرر الدراهم والدنانير من أعيان الشيعة ووجهائهم!..

هناك من يبذل للحسينيات ويساهم في شعائر العزاء، والإمام عليه السلام لا يريد أمواله لشبهة فيها، أو لفساد سريرته وبطلان نيته، أو لأية علة أخرى، ولكنه عليه السلام منبع السماحة والرحمة، لا يصدّ ولا يرد أحداً.. وهنا يتحرك قانون الأسباب والمسببات ويمضي بتراتبية طبيعية، فيزيل الموانع أمام مقتضيات نداءات هذه الأبواق المريضة روحياً أو المعقدة نفسياً، أو المأخوذة بإغواء الحاشية اللصيقة، وإملاء البطانة المحيطة، وضجيج الأجواء المختلقة، فيتأثر أولئك بهؤلاء، ويكفوّن عن الدفع والبذل.

هكذا يحرمون، ويتحقق المطلوب!..

إن النداء الأصلي الذي لم يسمعه هذا الشيخ المعمم وذاك السيد العالم، ولا هذا الحاج المريد وذاك الشاب والتاجر، هو أن الحسين عليه السلام لا حاجة له بأموالكم، ولا يريد نصرة أضراب هؤلاء المشايخ والعلماء!
لا يريد من يعقد هذه المقارنات ويقول: مأتم الحسين أم الفقراء؟ تزويج العزاب أم الإطعام في الحسينيات؟ ويأخذه الخناق وهو يدين الإسراف الذي يتوهمه من شُح حضره وبخل غلبه!

أخي المؤمن، أختي المؤمنة:
هل تتصورون أن هذه المساهمات عشوائية لا يحكمها قانون وانتخاب واختيار؟ وأن من لم يكن من النخبة المنتجبة يمكنه أن يساهم في عمل هو الأعظم على الإطلاق؟ حيث يتسنم المؤمنَ آلُ محمد عليهم السلام، فهم أرباب العزاء وأصحاب المأتم، وخادم الحسين والباذل في هذا السبيل نائب ووكيل ينهض بدورهم!؟
فكروا في الفقير العراقي (الذي يتخذونة ذريعة ويدعون لتفضيله على مجلس الحسين) وقد جمع طيلة سنته ووفّر ما أمكنه من قوت عياله، فقاسى الضنك والعوز والجوع والعري والمرض... حتى يقدّم ما وفّر في طريق الحسين، تكتشفوا كم هي سخيفة وواهية دعوة هؤلاء المخترقين، غفر الله لهم، وأبعد عنهم شياطين الإنس والجن، لعلهم يهتدون. 
اللهم اجعلنا من المرحومين بالتوفيق لهذه الخدمة والشرف، ولا تجعلنا من المحرومين المخدوعين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق