الأحد، 26 أكتوبر 2014

الحداثيون والشعائر الحسينية...إصلاح أم تخريب وإبادة؟

الحداثيون والشعائر الحسينية
إصلاح أم تخريب وإبادة؟



بقلم: عباس بن نخي

----------



الذين يعيبون البكاء ويعترضون على اللطم ويسفهون الجزع والإدماء، ويتحدثون عن قراءة عصرية ونظرة حديثة وعرض متجدد للقضية الحسينية بأدوات وتقنيات ووسائل أخرى غير التقليدية الموروثة التي تفتقر إلى لغة العصر وتعيش تخلفاً يشين ويسيء إليه المذهب...
هل طرحوا بديلاً عن هذه الممارسات، أو عمدوا إلى آلية أخرى (غير مشوِّهة وموهنة للدين كما يزعمون) تتكفل حمل القضية الحسينية وإبلاغها الأمة، ثم نقلها إلى الأجيال القادمة؟!
إنني هنا أجاري القوم في أطروحتهم تنزلاً، لأكشف زيفها وكذبها نقضاً (بعد الفراغ من دحضها حلّاً)، فهم ليسوا إصلاحيين، بل تخريبيين وتهديميين وإباديين! لا يحملون همّ الدين والمذهب، وكل ما هناك مصالح شخصية وحزبية تسحب الشعائر الحسينية البساط من تحتها، وتعريها وتظهرها على حقيقتها الباطلة، فبرزوا لها بالحرب والعداء.

هناك سؤال كبير ما زال يطرح نفسه بإلحاح، يقف فيه السائل حائراً متعجباً، فلا رد يأتيه ولا جواب!
هل في جعبتكم شيء غير النقد والاعتراض؟ هل في مشروعكم نقلة من الهدم إلى البناء؟ هل أنتم حقاً إصلاحيون كما تزعمون؟ أم متآمرون يريدون القضاء على الفكرة وإنهاء القصة وإغلاق ملف القضية؟

ماذا بعد الاعتراضات التي بدأت منذ نحو ثمانية عقود وما زالت كما هي تدور في دائرة إدانة الوضع القائم والنداء بفارغ القول ومجرد القرقعة ومحض الجعجعة بأن هذه الشعائر تسيء إلى قضية الحسين وتشوهها، وأنكم تملكون ما يحييها بصورة ناصعة ويخلدها بأدوات عصرية محببة؟
لقد تطور العالم الحديث الذي تنسبون أنفسكم إليه، فهل جاريتموه في شيء غير الأزياء ونمط العيش الغارق في الدنيوية؟ ودع عنك الصناعة والعمارة، هل واكبتموه في شيء من الفنون الجميلة كالرسم والنحت والشعر والمسرح والموسيقى والسينما؟
هل في جعبتكم عطاء علمي وثقافي يخدم قضية سيد الشهداء؟
هل من نتاج فني وأدبي عصري وحديث؟

هل انصرفت كوادركم المتكثرة والمشبعة من العلوم والثقافة الغربية إلى نتاجات عصرية حديثة بديلة عن النمط التقليدي الذي تدينون من الشعائر الحسينية؟
هل قدمت طاقاتكم المهولة التي تقف على جبال من الإمكانيات، شيئاً على أي صعيد، غير اجترار إحدى أنماط الشعائر الحسينية نفسها، ولكن عبر أشخاص موالين لكم (يتغير الخطيب والرادود، فيشاركون في المجلس ويرضون عن الحسينية)!؟

إن مشهد الطفل الرضيع وهو يتلقى السهم ويتضمخ بدمه على راحتي أبيه عليه السلام يستحق ويحتمل أكثر من عشرين فيلماً سنيمائياً طويلاً، وهكذا مشاهد الوداع والمصرع وتوبة الحر وحصار مسلم بن عقيل وما إلى ذلك مما أبدع فيه الشعراء والراثون والخطباء الحسينيون، فتتلقاهم الجماهير المؤمنة بالبكاء والجزع واللطم والإدماء... هل أنتجتم شيئاً من هذه الأفلام؟ هل خطوتم خطوة في هذا الطريق العصري الحديث الذي تدعون، هل كتبتم سيناريو واحداً لمشاريع هذه الأعمال الفنية؟ أم هو مجرد كلام وهدم يريد تقويض المنابر والشعائر فحسب؟
ألا تشعرون بالخجل والعار أن لا مسرحية عن واقعة الطف غير تلك التي كتبها عبدالرحمن الشرقاوي المصري "الحُسَيْن ثائراً وشهيداً"؟ ألا تخجلون من أنفسكم وتستشعرون الخواء والعجز الذي لو كان في شريف منكم لأمسك عن الاعتراض والنقد ولاذ بصمته ولم ينبس ببنت شفة.
أليس من العار عليكم أن تخلو الساحة الموسيقية التي تبيحون ولا ترون فيها ضيراً ولا غضاضة، ولا أمامها عائقاً شرعياً، من نتاج يحكي الواقعة، إلا معزوفة الأستاذ جواد معروفي على البيانو "عاشوراء" ؟
هل عقمت أرحام النساء منكم أن تلد مثل الوتر محمود فرشجيان لترسم لوحة "عصر عاشوراء" ؟
(وهو ليس منكم، بل تقليدي في دينه وعقيدته)!

كم لوحة ومنحوتة وجدارية ونصب تحتملها واقعة الطف؟ أين نتاجكم؟ بل أين محاولاتكم غير تلك العبثية التي تزري بالفن قبل أن تنال من الشعائر وهي تجمع الأطفال في محترفات ارتجالية لمجرد إبعادهم عن الحسينيات وإشغالهم بما يلهيهم؟
لماذا لا يوجد فيلم سينمائي واحد عن واقعة الطف على مستوى "قلب الأسد" (Brave Heart) الذي يحكي قصة الثائر الأسكتلندي "وليام ولاس"، لـ "ميل جبسون"؟ أو حتى فيلمه الآخر الأقل جودة فنية "آلام المسيح"؟!
هلّا قدمت مدرستكم شيئاً غير التبجح والهراء! مجرد نقد واعتراض، ثم لا إنتاج ولا عطاء... اللهم إلا أن تعلنوها صريحة وتخرجوا من النفاق إلى الكفر البواح، بأنكم تريدون إنهاء ذكر الفاجعة وطي صفحتها، وما هذه الدعاوى "الإصلاحية" إلا تحايل والتفاف وتلفيق يداري تلك الحقيقة التي تخفون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق