من ظلم الإمام الحسين عليه السلام وقتله؟
مقالة لكاتبة بحرينية لا تتورع عن ظهورها الإعلامي سافرة كاشفة لما لايجوز كشفه ولا ترى محذورا في تبرجها بأنواع الزينة المحرمة اتخذها بعض المعقدين من شعائر أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه وسيلة لضربها والتشكيك فيها وتضعيفها .
تركز المقالة على الظلم الذي تدعي الكاتبة صدوره من الشيعة تجاه الإمام الحسين (ع) ولم تتعرض لأكبر ظلم ارتكبته بنفسها ألا وهو تحدثها عن مبادئ الإمام الحسين (ع) وهي تجاهر بالتمرد على وصايا أهل البيت (ع) ومبادئهم عبر خروجها سافرة متبرجة!!
بدأت المقالة النشاز بالاستشهاد بعبارة للشيخ المطهري (رحمه الله)، ومن يلاحظ كلمات السيد الخميني (قدس سره) وهو أستاذ الشيخ المطهري والأعلم منه لايجد فيها أي طعن بقراء العزاء والمنبر ولا اتهاما منه لهم بأن أعظم قتل للإمام الحسين (ع) صدر منهم وكما زعم الشيخ المطهري!!
وبدلا من أن تقوم الكاتبة ومن يقف وراءها من المعقدين بالاستشهاد بالكلمات المصيبة له، فإنهم عمدوا إلى التفتيش عن أخطائه المتوافقة مع أهوائهم وطرحوها كمنهج وفكر.
فالشيخ المطهري من حيث كونه غير معصوم وقع في أخطاء واضحة، كادعائه أن الذين قتلوا الإمام الحسين (ع) هم الشيعة (الملحمة الحسينية ج3 ص94)، وهي نفس الفرية التي عمد خصوم التشيع إلى ترويجها حين قالوا إن الحسين (ع) قتلته شيعتهم ليبرروا دور شيعة آل أبي سفيان وهو الإسم الذى أطلقه سيد الشهداء على من قاتلوه!!
وكيف يمكن للشيعي المحب وإن قصّر بجهله أحيانا أو بسوء بعض أعماله أحيانا أخرى أن يكون أعظم جرما من مبغضي الإمام الحسين (ع) وقتلته أي يزيد واليزيديون؟ وأين يتفق هذا مع نصوص القرآن وأحاديث أهل البيت (ع)؟
أليس هذا الاتهام هو الظلم الحقيقي؟!
ولنعرج إلى بعض ما اعتبرته الكاتبة ظلما للإمام الحسين (ع)؟
1 - زعمت أن الإمام الحسين (ع) ظُلم عندما نسبت إليه خرافات ونسب إليه الغلو ولم تذكر شاهدا واحدا على زعمها؟!
2 - وعرجت على ظلم الرواديد لأنهم نسبوا إليه (ع) أنه طلب الماء بطريقة مذلة، وهي مجرد دعوى كسابقتها، مع أن مجرد طلب الماء لا يعد ذلا، فمن يطلب الماء من العدو وهو عالم أنه سيموت عطشانا وكما أخبر جده المصطفى (ص) فإن طلبه لايكون حقيقيا بل لدواع أخرى كالاحتجاج وفضح العدو!!
3 - ثم زعمت أن تصوير السيدة زينب (ع) امرأة كثيرة البكاء يتنافي مع صبرها وثباتها وهو جهل منها بالقرآن الكريم ، قال تعالى: { فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم * وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} (يوسف: 83 و84) فاعتبر القرآن الكريم النبي يعقوب (ع) صابرا صبرا جميلا مع فقدانه لبصره من كثرة البكاء.
4 - ثم رددت الكاتبة مقالة طالما رددها أعداء التشيع وخصومه وهي أن مظاهر العزاء (ع) على الإمام الحسين (ع) هي من باب جلد الشيعة لذاتهم وتعذيب أنفسهم لأجل التقصير في نصرة سيد الشهداء (ع)، وأن أول من فعل ذلك التوابون، وهي دعوى باطلة فإن أول من دعا إلى مظاهر الحزن والجزع على الإمام الحسين (ع) كالبكاء واللطم وشق الجيب وغير ذلك هم النبي وأهل بيته (ع)، ومن ذلك ما رواه الطوسي بسند صحيح عن الإمام الصادق (ع): "كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام". (أمالي الطوسي المجلس6 الحديث20)، وما رواه أيضا عن الصادق (ع): " وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام، وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب". (تهذيب الأحكام ج8 ص325)
5 - ولبيان معارضتها للتطبير الذي أفتى بجوازه أو استحبابه أغلب فقهاء الإمامية الكبار زعمت الكاتبة أن أول من قام بشق الرؤوس هم التوابون، وهو كلام يفتقر للدليل فلا وجود لذلك في المصادر التاريخية، مع أن قادة حركة التوابين كسليمان بن صرد الخزاعي من الممدوحين. (راجع معجم رجال الحديث للسيدالخوئي ج9 ص283)
6 - ثم زعمت أن التطبير يشوه المذهب وأنه يجلب ازدراء العالم، وهي لغة عفى عليها الزمن، يقول المرجع الديني الشيخ بشير النجفي حفظه الله:
"لقد ذكرنا أن التطبير واللطم على الصدور مباحة بل توجب الأجر والثواب مع توفر الشرائط الخاصة التي ذكرناها في أجوبة سابقة، وأما ما ذكره المعترض فمن الغريب أن يحاول المسلم أن يستنتج شرعية العمل بالرجوع إلى غير المسلمين، وهل هذا إلا إحساس بالنقص؟!". (الشعائر الحسينية ومراسم العزاء ص248)
ويجيب عن سماحته عن سؤال حول التطبير والضرب بالسلاسل والزحف إلى القبر الشريف ودعوى تشنيعها للمذهب:
"الموارد التي أشرت إليها من الشعائر بل من أبهاها، وأما إن كنت تريد أن ترضي أعداء الله ووأعداء رسوله وأعداء أهل البيت فهم لا يرضون ما دمت في حضيرة أهل البيت (ع)". (المصدر السابق ص90)
7 - ثم اعترضت الكاتبة على صرف المبالغ الكبيرة في مجالس العزاء، ومنشأ اعتراضها عدم معرفتها بقيمة هذه المجالس وأن صرف المال فيما يكون سببا لحفظ المذهب هو صرف للمال في موضعه، يقول المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي حفظه الله:
"إن الاهتمام بإقامة أمثال هذه المجالس والمراسم وصرف المال الكثير بلغ ما بلغ هو رمز لحياتنا ومن شعائر ديننا ومذهبنا". (الشعائر الحسينية ص81 طبعة عام 1428ه)
8 - وفي ختام رسالتها زعمت أنه بقي الرثاء وتبدد الإرث والفكر والهدف!!
ولكن هذا السيد الخميني (قد) الذي فعل ما لم يفعله هؤلاء المنظرون المترفون المعقدون من الشعائر ينادي بأعلى صوته، إن الإرث والدين لا يحفظ إلا بالرثاء والشعائر الحسينية، يقول (قد):
"ينبغي لنا إحياء محرم وصفر بذكر مصائب أهل البيت (ع) فبذكر مصائبهم بقي هذا الدين حيا حتى الآن". (نهضة عاشوراء في كلام الإمام الخميني ص114)
"عليكم أن لا تنخدعوا بمزاعم وأحابيل الشياطين الذين يريدون أن يجرّدوكم من هذا السلاح، ليحذر شبابنا من ذلك، فهذه الشعائر الحسينية هي التي حفظتنا وصانت البلد". (نهضة عاشوراء في كلام الإمام الخميني ص100)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق