الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

ملحمة المدعي صلاح الفضلي

يكرع الأخ الحسيني المجاهد كأس العصير الطازج، فالمعلبات تضر بصحته وتفسد مزاجه، ويمسح على بطنه ليستفز أرياح معدته بعد وجبة دسمة ليتجشأ... ثم يستلقي أمام تلفزيون ٥٢ بوصة يستعرض مئات قنوات الأفلام والتسلية التي يقتل بها وقته، حتى يغفو ويسقط ريموت الكنترول من يده! ولا يستفيق إلا على موعد النادي الصحي الذي يفضل عقد لقاءاته مع أصحابه فيه، حول مسبحه الفاخر أو في حوض الجكوزي أو غرفة السونا والبخار. 
للمهزلة الثورية صور متعددة، ليست هذه أقصاها ولا هي أدناها في الانحطاط، فالرجل الذي يبكي تراث الخميني ويندب خطر إسرائيل والغدة السرطانية التي يجب أن تجتث، يهادن الأنظمة الطاغوتية التي يقول الخميني أنها أساس الفساد وسبب تخلف البلاد والعباد، ويعلن أن لا تحرير للإنسان والأوطان إلا بإزالتها، فيواليها وينخرط في مشاريعها ومؤسساتها حتى القمة، ويندك في هويتها ليغدو المصداق الأتم لأعوان الظلمة...
هكذا يعيش "جيفارا" الإسلام و"غاندي" خط الإمام حياته الثورية، حين يعود من عمله الذي حوله عضواً في الطبقة المخملية خلال سنوات معدودة استقطبت فيها مواقفه "الحسينية" وكالات البضائع المتوافقة مع ميوله واهتماماته فصارت تجارته شغله الشاغل  
ثم يفجر الساحة ويفتح نوافذها على أعاصير الفتنة مكابرة لموقف خاطئ يصر عليه وعناد لا يبالي أن يدفع الجميع ثمنه!
هذا كل ما ينعكس على الرجل من السيرة الحسينية، وهذا كل ما نراه في سلوكه من قيم الثورة والنضال والجهاد و"الملحمة"...
إن التميز عن الآخرين والترفع عليهم بالوعي المدعى والريادة الحركية والتقدمية مقابل الرجعية، له ثمنه، ومن يريد الغنم فعليه الغرم.
لذا لن نقبل هذه الدعاوى من شخص يقبع في أحضان الظالم وموالاته، لم نشهد من "حراكه الثوري" ولوازم الانتماء للخط الحسيني إلا نقيضه المتمثل في اللهث خلف مكاسبه الشخصية، وبدرجة متأخرة  مكاسب حزبه وتياره وإن كان على نحو الانبطاح للسلطة وتقديم الدعم والتنازلات لها!
ومن نجا فلم يكن من المنبطحين، فهو قطعاً ليس من الثائرين!
لقد تحول الحسين (ع) في فكره وكربلاء في حياته إلى ترف وثقافة، تبدأ وتنتهي وما زالت تتوقف عند إنكار وجود الرباب عليها السلام مع زوجها الشهيد، والتهالك على إثبات بطلان عرس القاسم، ومقارعة البكاء واللطم والتطبير، وقمع حريات يمارسها مؤمنون كل جريمتهم أنهم متشرعون يلتزمون الأصول العلمية سواء في قبول الأفكار والأحكام أو في حجدها وردها!
وكأن سبب تأخر المسلمين هو إيمان هذا الموالي البسيط بوجود أم علي الأكبر في كربلاء أو عمله بفتوى مرجع تقليده في شعيرة حسينية يرى أغلب الفقهاء جوازها أو استحبابها!
أما مقارعة الظلمة والنهضة والقيام والتضحية والجهاد، وشظف العيش وطريق ذات الشوكة... فصور من الماضي الذي كان يشغلهم عن مناصبة الشعائر العداء ....
المهزلة والمأساة أن تنسى الملحمة الحقيقية وتغفل أصل القضية إلى مناكفات ومهاترات تخلق جبهات وهمية يشغلون بها الساحة عن التيقظ والانتباه وفضح إفلاسهم وانحرافهم عن خط الإمام الحسين عليه السلام الذي نادت به أدبياتهم: خط الثورة والتضحية والجهاد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق