السبت، 12 أبريل 2014

الميادين بعد الكوثر!

عندما اعتدت قناة الجزيرة القطرية الإخوانية قبل سنوات على المرجع الأعلى للشيعة في العالم، آية الله العظمى السيد علي السيستاني، انبرى أجيرها (وكان مراسلها في بيروت بعد طهران) المدعو غسان بن جدو، وهو تونسي يدعي الاستبصار ولكن على مذهب فضل الله! انبرى للدفاع عن قطر وقناتها، وتسوية الأمر على طريقة الدجل الإعلامي الذي أجاده جدو وتمرسه...

وها هو يعيد، وقد أصبح صاحب قناة الميادين التي تصلها الأموال بالحقائب من طهران، تدفع إلى السافرات من خالص أموال صاحب الزمان عليه السلام!.. يعيد نفس الممارسة النكراء ولكن بتوسع واطراد، وتفصيل وتنظير، لا يسعه الاعتذار بسبق اللسان وسقطة الارتجال.

نحن نعرف ونتفهم جهل المستبصرين بالتشيع وأعماقه، كما نتفهم ونعرف الغل والضغينة التي يكنها الحداثيون وتيار شريعتي للحوزة، ونعرف حقدهم الدفين على المرجعية والتراث الشيعي...

ولكن ما نستغربه هو إصرار إيران على فتح هذه الجبهة، وإشعال نيران النزاع داخل البيت الشيعي على الرغم من الأخطار المحدقة بالطائفة والحرب الشعواء التي تشن عليها من كل حدب وصوب!

فكيف ولماذا تصر الجمهورية الاسلامية على تسخير وتوظيف كل ذراع لها وامتداد، من العالم والكوثر إلى الميادين والمنار، لإضرام هذه النار؟ وتعمل بخبث ودهاء لاستغلال أدنى مناسبة وأقل عذر وذريعة لتميل على الحوزة وتغير على المرجعية وتتناولها بالطعن والتشويه والاستخفاف والتحقير؟
أليست الثورة الإسلامية صنيعة هذه الحوزة ونتاجها؟ أليس السيد الإمام الخميني قدس سره هو من أبناء الحوزة وبلغ الفقاهة ونال الولاية وفق مناهجها وانطلاقاً من معارفها؟
ما هذا الجحود والتنكر؟
ما هذه الخيانة والجفوة؟
إنها شيمة الانذال، وطبع السفلة، وسجية اللئام.. أن تعض اليد التي أطعمتهم وتكسر العصي التي أقامت صلبهم وشدت عضدهم...

لا يظنن أحد أننا في غفلة عن هذا الأداء الشيطاني، أو أننا سوف ننسى هذه الطعنات الغادرة والاعتداءات المتكررة... فهي محفوظة ومسجلة بتفاصيلها الدقيقة، وأسماء عناصرها وأدوات تنفيذها، حتى تحين ساعة الحساب.

إن قناة الميادين التي تأبى إلا توقير الآخر واحترام عقائده، وهي تخصص للمسيحية برنامجاً أسبوعياً باسم "أجراس المشرق"، لا تمس فيه فكرة ولا عقيدة ولا رمزاً ولا شعيرة مسيحية، ولا تقرب من ذلك بأي شكل كان، بل تعظم ذلك كله وتخدمه كما لا تفعل أية قناة مسيحية... كيف سمحت لنفسها أن تستهين وتستخف بقمة الهرم الشيعي، وتهتك الحوزة والمرجعية العظمى؟!

فبعد طرهات الحيدري وجهالاته في الكوثر، ها هو المرتزق يحيى أبوزكريا، وصنوه الدكتور خنجر حمية، يفرغان عبر الميادين ما اُملي عليهما، فينفثان زعافاً بصفرة وجهيهما وكلح الدماء الباردة في عروقهما، ويصبان جام حقدهما على الحوزة والمرجعية، كل ذلك باسم وعنوان الفلسفة وتعظيم الشهيد الصدر! وإن حاول السيد محمد الغروي استدراك بعض سفاهتهما، إلا أنه هو الآخر لم يوفر نصيبه من الاستخفاف بالمتون الحوزوية (كالرسائل والكفاية) والتعبير عنها بكتب الطلاسم والسحر! وكأن تعظيم "حلقات" الصدر لا يكون إلا بالانتقاص من غيره بهذا الشكل السوقي المبتذل.

نكرر بأنها معركة لا نريد خوضها وساحة لا نريد الدخول فيها، حتى لا نتموضع في جبهة قد يستفيد منها العدو الذي يتربص بنا جميعاً، ولا سيما بإيران العزيزة على كل شيعي... فهل في الجهة الأخرى عاقل يردع هؤلاء السفهاء، أم أن العطب نال الرأس والفساد يسري وينحدر منها؟

كل ما نقوله لابن جدو وزكريا، هو ما قاله أبو ذر لكعب الأحبار، مع حذف التتمة التي نقتطعها احتراماً لعنوان دخلا فيه، يضفي حرمة لم يرعيا أدناها: "اتعلمنا بديننا يا ابن ......"؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

_____
بقلم: محمد كاظم الغروي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق