السبت، 9 نوفمبر 2013

إنها شعائر الله

حرب نتنة قذرة تشن على الشعائر الحسينية، تقرع طبولها في كل عام مع اقتراب شهر الحزن والرثاء، محرم العبرة والدماء، (قائدها) ديوث انعدمت فيه الغيرة على الدين!! فراح يشرعنها بدهاء أموي، ملقيا في أذهان السذج والجهلة أفكارا ينمقها بعبارات على وزن (لا حكم إلا لله)!! ويزداد مكرا عندما يستخدم كلمات حق يراد بها باطل!!..

والمطبلون حثالة غرتهم الدنيا، فباعوا حظهم بالأرذل الأدنى، وشروا آخرتهم بالثمن الأوكس، وابتاعوا ما يزول عنهم بما يبقى لهم!! وراحوا يعربدون في الدين بلا هوادة، ويعيثون في المؤمنين إلى ما شاء الشيطان فسادا!! وصار المعمم والخطيب والرادود والملاية والمهندس والدكتور وغيرهم منظرين في الدين، و أصبحوا يستنبطون الأحكام الشرعية ويحددون الحلال والحرام ويصدرون فتاوى الخزي والإجرام!! بل أمسوا خبراء في التاريخ والأديان، ليرموا الشعائر وخصوصا (التطبير) بسهام الكذب والإفتراء مدعين بأنها بدع لا أساس شرعي لها وأنها تشوه صورة المذهب، وأنها ذات أصول وثنية أو منسوخة من المسيحية، كل منهم يريد أن يحظى بالسبق لرضا إبليس، فيمسك قوسه ويهتف بين رفاقه: اشهدوا لي عند الشيطان، إني أشرس من رمى شعائر الحسين!!

عقلية وهابية بلباس شيعي، ورثوها عن السابقين الذين قالوا:((إن هذا إلا أساطير الأولين))!! وهاهم يستهزئون بشريعة الرحمن يوميا ويرددون كلمات السخرية والإنتقاص (كالخرافات والخزعبلات) وغيرها من مصطلحات تافهة وعبارات هابطة، همهم الأول والأخير أن تمحى الشعائر وتزال كل أنماط العزاء، كي يعبدوا الطريق أمام ضلالهم وانحرافهم ويسيروا نحو أهدافهم الرجيمة بأريحية دون عائق ولا حجر عثرة!! بدأوا بالتطبير والإدماء، ثم عرجوا على اللطم والبكاء، ولم يكتفوا بهذا القدر!! بل ضربوا حتى الإطعام بسم سيد الشهداء!! مدعين أنه ضرب من الإسراف ونوع من التبذير، وأن الفقراء والمساكين والمرضى والمحتاجين أولى بهذه الأموال!! متناسين أنهم يركبون السيارات الفارهة ويلبسون الساعات والثياب الغالية ويسكنون البيوت الباهظة الثمن وتمتلئ أعراسهم ومناسباتهم بالبذخ!! مما يبرهن على حقيقة الهدف الذي يسعون إليه!! وهو نحر الدين من الوريد إلى الوريد!!

وفي المقابل، حيث الإيمان والإخلاص، يعسكر جيش الحق المدافع عن تلك الشعائر الإلهية يقوده كبار الفقهاء وأعظم العلماء، يقفون بكل قوة وبمنتهى الشجاعة متصدين لعساكر النفاق، فهذا السيد الراحل الخميني -الذي يدعون وصلا به وهو منهم برئ- يقول: ((وهذه البواكي والمراثي والصيحات واللطم والمواكب هي التي حفظت نهج سيد الشهداء عليه السلام وقضيته، ولو اقتصر الأمر في رجل مقدس يجلس في غرفة منزله ويقرأ لنفسه زيارة عاشوراء ويدير المسبحة، لما بقي شئ.. كل مدرسة تحتاج إلى الضجيج يجب أن تلطم عندها الصدور، وكل مدرسة لا يوجد فيها لاطم صدور ولا يوجد عندها بكاؤون ولا يوجد عندها ضاربون على الرأس والصدر فإنها لا تحفظ))..

وهذا السيد المرعشي النجفي (قدس سره) يأمر المؤذن بعدم قطع الموكب الحسيني وترك المعزين بحالهم: ((ليؤدوا طقوسهم، فإذا فرغوا أقمنا نحن صلاتنا.. لولا هذه الشعائر لما بقيت صلاة))..

ويأكد على ذلك الميرزا التبريزي الراحل حين كتب في وصيته: (( نصيحتي اليوم لجميع المؤمنين الغيارى هي الدفاع عن مسلمات المذهب الحق وأن لايعطوا لأحد مجالاً للتشكيك وإلقاء الشبهات في أذهان العوام خصوصاً في قضية الشعائر الحسينية، فإن حفظ المذهب في هذا العصر يتوقف على حفظ الشعائر الحسينية))..

ولطالما حاولوا جاهدين أن يلصقوا بالسيد الخوئي تحريم التطبير، فأصابهم آية الله الشيخ الفياض بمقتل حينما قال: ((التطبير عند السيد الخوئي -قدس سره- جائز بعنوان الشعيرة الحسينية وفيه أجر وثواب)).. والشيخ الفياض كان من بين من حضروا بحث السيد الخوئي وتتلمذوا على يده..

ومع تعالي أصوات النشاز تزداد وتيرة التصدي من فطاحل قبلوا التحدي دون خوف أو وجل، لا يخشون في الله لومة لائم، ولا يهتزون أو يتقهقرون أمام ما يستخدمه الطواغيت في سبيل تحقيق مآربهم!! يقول زعيم الحوزة العلمية في قم المقدسة، آية الله الوحيد الخراساني: ((إن قمة الدناءة أن يتم تضعيف الشعائرالحسينية حتى ترضى تلك الملل المستغرقة في الأوهام، وحتى لا ينظروا إلى هذه الشعائر نظرة استخفاف، المصيبة هي أن يسيطرالجهل إلى هذا الحد فيتصوروا أن هناك إفراطا في هذه الشعائر ويلزم تقليصها وتقليلها،ولذا لزم فقه الدين وفهمه، إن كل مظاهر العزاء ومع كل هذه المواكب وتلك الهيئات لا تعد شيئا في مقابل عظمة المصيبة... مهما عظمت طرق العزاء فلا تظنوا أنها تتناسب مع المصيبة، لو احترقت الدنيا لهذه المصيبة فلن تبلغ عظمتها)) ..

ويقول آية الله العظمى السيد السيستاني في إجابته عن الأسئلة الموجهة بخصوص الشعائر الحسينية: ((ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب))..

ويتساءل السيد الروحاني مستنكرا: ((ولست أدري ما يغيض هؤلاء من شعائر سيد الشهداء؟! أيغيضهم منها ما تعمقه في نفوس المؤمنين من القيم الأخلاقية والمبادئ الدينية كالتضحية من أجل المبدأ والثورة ضد الطغيان والصمود في سبيل الحق؟! أم ما تدخله على قلوب أعداء الله من الخوف والرهبة؟! ما بال هؤلاء -وهم يدعون انتماءهم للحسين- والشعائر الحسينية؟!)) ..

هذا قليل من كثير من خطب الفقهاء وكلماتهم وفتاواهم التي تأكد على الإستحباب بل يرى بعضهم وجوبها كفائيا، ولا يتسع المقال لجمعها، وسأختم بكلمة رائعة مزلزلة أطلقها المرجع الولائي الشيخ البشير النجفي حين قال:
((أعلم أن تظاهر الأعداء باستبشاع منظر التطبير إنما هو تكلف منهم سعيا في تخفيف وجود وانتشار هذه الشعيرة لأنها تحرق قلوبهم، أحرق الله قلوبهم بنار الدنيا قبل نار الآخر بحق حبيبه الحسين عليه السلام)) ..


بقلم: م.مهدي نواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق